اخبار الجزائر

اندبندنت عربية

سياسة

إنذار صحي على حدود الجزائر... مخاوف من تسلل الكوليرا

إنذار صحي على حدود الجزائر... مخاوف من تسلل الكوليرا

klyoum.com

لا تزال الأمراض المتنقلة مثل الدفتيريا والملاريا تشكل تحدياً للسلطات مع تزايد أعداد الهاربين من بؤر الصراع

لا تزال الأمراض المتنقلة تلقي بظلالها الثقيلة على المنظومة الصحية في الجزائر، بعد ظهور إصابات بداءي الدفتيريا والملاريا داخل البلاد، تزامناً مع انتشار وباء الكوليرا في دول الساحل المجاورة. هذا الوضع أنعش المخاوف من احتمال تسلل حالات عدوى إلى الجنوب الجزائري، حيث تشهد الحدود حركة متزايدة للمهاجرين غير النظاميين القادمين من مناطق موبوءة. وبين ضغط الانتشار الإقليمي للأمراض وتحديات مراقبة الحدود وتذبذب ظروف التكفل الصحي في بعض المناطق، تجد السلطات نفسها أمام حزمة من الإشكاليات المعقدة التي تستدعي استجابات سريعة ومنسقة.

كشف مدير عام الوقاية بوزارة الصحة الجزائرية جمال فورار ضمن مؤتمر صحافي عقد خلال الـ12 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أن الأمراض المتنقلة لا تزال تشكل تحدياً للصحة العمومية، وعلى رغم حال الاستقرار المسجلة لا تزال ثمة حالات متفرقة مصابة بالدفتيريا والملاريا.

وشدد على أن المراقبة الوبائية تعد ركيزة أساس في منظومة الوقاية الصحية، إذ تعتمد على القائمة المحدثة للأمراض الواجب الإبلاغ عنها، وتؤمن من قبل المعهد الوطني للصحة العمومية والمديرية العامة للوقاية وترقية الصحة، مشيراً إلى أن هذه المنظومة تهدف إلى ضمان رد عملي وسريع واستباقي في مواجهة الأخطار الوبائية، حتى في ما يخص الأمراض المسجلة على المستوى العالمي، من خلال تأهيل الطواقم الطبية وتوفير البيانات الدقيقة لاتخاذ القرارات الصحية الصائبة.

 

وأكد أن الكشف المبكر والتحليل الآني والاستجابة السريعة تمثل شروط النجاح الأساس لأية استراتيجية فعالة في مجال مكافحة الأمراض المتنقلة، والتي تتطلب تنسيقاً متعدد القطاعات، مشيراً في السياق ذاته إلى أن الوقاية تبقى الوسيلة الأنجع للحماية، من خلال التلقيح والتثقيف الصحي ومكافحة النواقل.

من جهته، أكد رئيس مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى تمنراست جنوب الجزائر إلياس أخاموخ تفعيل جهاز اليقظة نظراً إلى تمركز مرض الكوليرا في بعض الدول المجاورة، مضيفاً أنه تم تكوين جميع أطباء الولاية للتعامل مع أي طارئ، على رغم عدم تسجيل أية إصابة مؤكدة بالكوليرا حتى الآن.

وذكر أخاموخ أن ولاية تمنراست تعد الولاية الأولى في الجزائر من حيث عدد حالات الملاريا والدفتيريا كونها بوابة دخول الأجانب، مشيراً إلى إشراك الأجانب في حملات التلقيح بواقع 33 ألفاً من جنسيات أجنبية بين عامي 2023 و2025، لحمايتهم وحماية المواطنين من الأمراض المعدية.

وتعول السلطات الصحية على برنامج التلقيح الوطني لكبح ظهور وانتشار الأمراض المتنقلة. ويؤكد مدير عام الوقاية جمال فورار أن "نسبة التغطية بالتطعيم ضد شلل الأطفال والدفتيريا بلغت مستويات عالية على المستوى الوطني، مما يعكس نجاح الاستراتيجية الوقائية التي تنتهجها وزارة الصحة لضمان حماية الأطفال والمجتمع من الأمراض المعدية الخطرة، إذ لُقح 2287901 طفل ضد شلل الأطفال خلال الفترة الممتدة بين عامي 2023 و2024 داخل 19 ولاية من الجنوب، ولُقح 84370 شخصاً على مستوى ولاية سكيكدة ضد الدفتيريا، كذلك 43197 شخصاً على مستوى ولاية عين الدفلى حتى الـ11 من نوفمبر 2025".

وكانت وزارة الصحة الجزائرية وضعت استراتيجية للوقاية من الأمراض المتنقلة بإشراك مختلف القطاعات المعنية، وتشمل تطوير أنظمة المراقبة والإنذار والاستجابة السريعة، وتقييم الأخطار من طرف اللجان والخبراء المتخصصين، ونشر مذكرات وتعليمات تقنية محدثة تتعلق بالتشخيص والمراقبة ومكافحة الأوبئة، وتعزيز قدرات التشخيص والاستجابة الميدانية من خلال تكوين فرق متخصصة والإشراف الدوري عليها، إضافة إلى توفير الأدوية واللقاحات وضمان وجود مخزون احتياط آمن منها.

وخلال أغسطس (آب) الماضي، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن تفشي الكوليرا المرتبط بالنزاعات والفقر يشهد تفاقماً داخل عدد من الدول، مما يشكل تحدياً خطراً للصحة العامة على المستوى العالمي. وبحسب تقارير العام الحالي سُجلت 409 آلاف حالة إصابة بالكوليرا، إضافة إلى 4738 وفاة داخل 31 دولة، وذلك خلال الفترة بين الأول من يناير (كانون الثاني) والـ17 من أغسطس 2025. وتجاوز معدل الوفيات حاجز الواحد في المئة داخل ست دول. وسُجل أكبر عدد من الإصابات في إقليم شرق البحر المتوسط، بينما شهدت أفريقيا أعلى حصيلة للوفيات.

خلال الـ11 من نوفمبر الجاري، أعلنت وزارة الصحة الجزائرية تسجيل حالات إصابة بداء الجرب في بعض المدارس بولايتين، وفُعِّلت على إثرها وحدات الكشف والمتابعة والقضاء على المشكلة.

ومع تأكيد الوزارة على أن "حالات الجرب المسجلة هي حالات منفردة ومسيطر عليها، سواء من خلال التكفل والمتابعة الطبية أو عزلها في الوسط المدرسي"، فإنها أرسلت تعميماً إلى مصالحها المتخصصة بضرورة الوقاية والتدخل في حال تسجيل إصابات بمرض الجرب داخل المؤسسات التربوية، وبينت الإجراءات الصحية الواجب اتخاذها.

وخلال الـ18 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عاد مرض الدفتيريا (الخناق) للظهور مجدداً في الجزائر، بعد القضاء عليه منذ منتصف القرن الماضي بفضل برامج التطعيم الوطنية. وأعلنت وزارة الصحة تسجيل خمس حالات إصابة مؤكدة بداء من بينها حالتا وفاة بولاية سكيكدة (شرق البلاد)، وشُكلت خلية أزمة على مستوى مديرية الصحة والسكان للولاية بُغية متابعة تطور الوضعية الوبائية من كثب.

وأطلقت المصالح الصحية المتخصصة تحقيقات وبائية دقيقة حول الحالات المسجلة، شملت الأشخاص المحتكين بالحالات وأين أُخضعوا للعلاج الوقائي، إضافة إلى تلقيحهم ضد داء الدفتيريا بهدف منع انتشار العدوى وتفادي ظهور حالات جديدة.

يقول المتخصص الجزائري في الصحة العمومية محمد كواش "للأسف تعد بقع الصراع مصدراً لظهور كثير من الأوبئة كالملاريا والتيفود والكوليرا، التي تقتل آلاف الأشخاص سنوياً عبر العالم". موضحاً لـ"اندبندنت عربية" أن وباء الكوليرا مرض بكتيري يصيب الجهاز الهضمي ويؤدي إلى فقدان الماء بصورة كبيرة جداً، ويظهر على صورة حمى وتقيؤ وإرهاق شديد وتعرق إضافة إلى الإسهال الحاد والمتكرر بسبب الظروف المعيشية السيئة وتلوث مصادر المياه الصالحة للشرب وأيضاً مصادر الطعام.

ويضيف أن الحروب وبقع الصراعات المسلحة تكون سبباً في قلة مصادر المياه النظيفة الصالحة للشرب، مما يجبر الأشخاص على تناول أطعمة غير نظيفة، وكذلك استهلاك المياه الملوثة، مما يؤدي للإصابة بعدوى البكتيريا المسؤولة على مرض الكوليرا القاتل في غالب الأحيان.

ويرى كواش أن الجزائر لديها خبرة في مجال التعامل مع الأمراض المتنقلة التي تؤثر في الصحة العمومية، وهذا راجع للاستراتيجية التي وضعتها سابقاً بفعل تجاربها وموقعها الجغرافي المحاذي لدول الساحل التي تعاني صراعات مزمنة.

ويقول إن الجزائر تستقبل كل عام المهاجرين غير النظاميين الذين يدخلون الحدود الجزائرية الساشعة وينقلون هذا النوع من الأمراض، لأن العدوى تكون من خلال تبادل الأكل أو تقاسمه مع شخص مريض، وكذلك تناول الأطعمة غير النظيفة واللحوم غير المكتملة الطهي أو شرب المياه الملوثة.

وأشار كواش إلى أن الجزائر عرفت هذه الأنواع من الأمراض والأوبئة، وتتعامل معه من خلال توفير الأدوية الخاصة والأمصال المختلفة التي تعوض المياه المفقودة، إضافة إلى الأدوية المضادة للبكتيريا والمستعملة في علاج الكوليرا بصفة عامة.

وشدد على "ضرورة الحذر ومراقبة المياه المستعملة سواء للغسل أو الشرب من خلال تحليلها المستمر، والقضاء على المياه الراكدة الملوثة والتجمعات المائية الملوثة، والقيام بالتحاليل الدورية لمصادر الماء الموجودة في المناطق القريبة من بقع الصراع حتى نتفادى دخول الكوليرا إلى الجزائر، إضافة إلى مراقبة الأشخاص الوافدين من هذه المناطق، وبخاصة في ما يتعلق بالتبادل التجاري أو الهجرة، وإخضاع الأشخاص للفحوص الطبية للتأكد من سلامتهم من الأمراض المتنقلة".

*المصدر: اندبندنت عربية | independentarabia.com
اخبار الجزائر على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com