اخبار الجزائر

اندبندنت عربية

سياسة

تدابير أمنية بين الجزائر وتونس لمواجهة المهاجرين الأفارقة

تدابير أمنية بين الجزائر وتونس لمواجهة المهاجرين الأفارقة

klyoum.com

لجان مشتركة لتأمين الحدود ومجابهة الجريمة المنظمة ومكافحة التهريب والاتجار بالبشر

يفرض تدفق المهاجريين غير الشرعيين الأفارقة الآتين من دول جنوب الصحراء على الأراضي التونسية، ترقية التعاون والتنسيق مع الجزائر، ولا سيما في ظل التصرفات والممارسات التي بات يقوم بها هؤلاء في بعض المناطق، مما أفرز حال احتقان لدى السكان المحليين وسط أوضاع اقتصادية واجتماعية متأزمة.

زيارات متبادلة ولقاءات

ولا تزال الزيارات المتبادلة بين مسؤولي الجزائر وتونس مستمرة في سياق تأمين الحدود وبحث سبل وضع حد للظواهر السلبية مثل التهريب وتسلل المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة التي باتت تهدد النسيج السكاني للبلدين، وجاء في آخر لقاء جمع بين وزير الداخلية الجزائري ابراهيم مراد ونظيره التونسي خالد النوري، أنه بات من الضروري التنسيق وضبط التدابير والنظم بين البلدين التي تمكن من تفادي الظواهر السلبية من إجرام وإرهاب وتهريب، كما شُكلت لجان خاصة بمكافحة التهريب والقضاء عليه.

وأشار الطرفان إلى أن اللقاءات سمحت بتقييم وتيرة التعاون الثنائي بين مختلف الأجهزة الأمنية من الجانبين، من خلال تقييم التدابير المشتركة الخاصة بتأمين الحدود ومجابهة الجريمة المنظمة العابرة لها، ولا سيما مكافحة الهجرة غير النظامية والتهريب بمختلف أنواعه، إضافة إلى تنسيق سبل تحقيق موجبات التنمية في المناطق الحدودية.

وقال النوري عقب استقباله من قبل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون "تحدثنا عن ملف التهريب وتأثير ذلك في اقتصاد البلدين، كما كانت فرصة للتحدث حول مسائل تهم الولايات والمناطق الحدودية وتنميتها، وكذلك التباحث حول بعض المسائل التي تهم وزارتي الداخلية للبلدين".

تونس تعاني

ولم تخلُ مختلف اللقاءات والاجتماعات بين مسؤولي البلدين من مناقشة موضوع الهجرة غير الشرعية التي أخذت أبعاداً خطرة ولا سيما في تونس، بعد أن أصبح تدفق الأفارقة عبر الحدود واستقرارهم في مناطق واسعة من البلاد ظاهرة لافتة بلغت في بعض الأحيان حد الاعتداء على السكان المحليين والاشتباك مع قوات الأمن كما حدث في منطقة صفاقس.

 

وشهدت القمم الثلاثية الدورية التي جمعت رؤساء الجزائر وتونس وليبيا طرح مسألة تأمين الحدود من ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتدفقات المهاجرين من دول الساحل والصحراء، والاتفاق على تكوين فريق عمل مشترك يعهد إليه إحكام تنسيق الجهود لتأمين حماية أمن الحدود المشتركة من أخطار وتبعات الهجرة السرية وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة.

مخاوف متعددة

وتعليقاً على الاهتمام المتزايد للبلدين بالملف، يقول الحقوقي التونسي والباحث في العلاقات الدولية آدم محمد المقراني خلال تصريح إلى "اندبندنت عربية" إن هذا التدفق يثير مخاوف متعددة تتعلق بالأمن والاقتصاد والتماسك الاجتماعي في البلدين، إذ من الناحية الأمنية تخشى السلطات أن يؤدي تزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين إلى تسهيل نشاطات الجريمة المنظمة، مثل تهريب البشر والمخدرات، إضافة إلى احتمال تسلل عناصر متطرفة عبر الحدود، مما قد يهدد الاستقرار الداخلي.

وأضاف أنه من الناحية الاقتصادية يفرض وجود أعداد كبيرة من المهاجرين ضغطاً على الموارد المحدودة والبنية التحتية، بخاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها الجزائر وتونس، ولا سيما ما يخص زيادة التنافس على فرص العمل والخدمات الاجتماعية، مما يفاقم من معدلات البطالة ويؤثر سلباً في التنمية المحلية.

واجتماعياً يمكن أن يؤدي الوضع إلى توترات مجتمعية ناجمة عن اختلافات ثقافية وعرقية، مما يفاقم من مشاعر العنصرية والتمييز، وما حدث ويحدث في تونس دليل على ذلك بعد أن تصاعد الخطاب العنصري وما تبعه من اعتداءات وأعمال عنف.

وأوضح المقراني أن تونس والجزائر تتعرضان لضغوط من الاتحاد الأوروبي للحد من تدفق المهاجرين نحو القارة العجوز، وفي ذلك وقعت تونس على مذكرة تفاهم مع بروكسل في يوليو (تموز) عام 2023، تتضمن شراكة بقيمة 260 مليون يورو (287.44 مليون دولار) للمساعدة في تأمين الحدود التونسية والحد من الهجرة غير الشرعية.

وشدد على أن مخاوف تونس والجزائر من تدفق المهاجرين الأفارقة تنبع من تعقيدات أمنية واقتصادية واجتماعية، إضافة إلى الضغوط الخارجية المرتبطة بالسياسات الإقليمية والدولية للهجرة، وأبرز أنه على رغم هذه الجهود المشتركة، لا تزال هناك تحديات قائمة في ظل التقارير التي تشير إلى استمرار تسلل المهاجرين الأفارقة عبر الحدود.

الجزائر تواجه الضغوط

وفي حين تشير الأرقام الرسمية التونسية إلى تراجع أعداد المهاجرين غير الشرعيين من أراضيها إلى السواحل الأوروبية بنسبة 80 في المئة خلال عام 2024 وخلال الأشهر الأولى من العام الحالي مقارنة بالسنوات الماضية، تؤكد دراسة أنجزها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن غالبية المهاجرين الأفارقة الذين يرغبون في العبور إلى السواحل الأوروبية وصلوا إلى تونس آتين من 23 بلداً أفريقيا سيراً على الأقدام.

وليست تونس وحدها التي يعاني أزمة المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة، فالجارة الجزائر التي تمتلك حدوداً طويلة مع مالي والنيجر وليبيا والمغرب تواجه ضغطاً رهيباً جراء تدفق هؤلاء، بخاصة في ظل تزايد التوترات المسلحة جنوب الصحراء الكبرى والساحل، وأفادت وزارة الدفاع الجزائرية في حصيلة سنوية لها بتوقيف 29587 مهاجراً غير شرعي من جنسيات مختلفة خلال العام الماضي، بينما بلغ عدد المحتجزين من المهاجرين غير الشرعيين 14814 عام 2023، كما اعتقلت وحدات الجيش الجزائري 348 مهاجراً غير نظامي خلال النصف الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي.

سياسة الترحيل

وفي محاولة لتطويق الظاهرة عملت الجزائر التي لم توقع على اتفاقات "مشبوهة" مع الاتحاد الأوروبي في سياق منع وصول المهاجرين الأفارقة إلى السواحل الأوروبية، على سياسة الترحيل، فرحلت بالاتفاق مع حكومات بلدانهم 80 ألف مهاجر غير نظامي ينحدرون من جنسيات أفريقية مختلفة خلال الفترة الممتدة من يناير إلى سبتمبر (أيلول) عام 2024، وفق ما أعلنه وزير الداخلية الجزائري إبراهيم مراد.

كما كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والمنظمة الدولية للهجرة عن ترحيل أكثر من 9000 مهاجر من الجزائر نحو دولة النيجر خلال النصف الأول من عام 2023.

لكن يبدو أن هذه السياسة لم تجدِ نفعاً أمام استمرار التدفق وتحول البلاد من مركز عبور إلى منطقة استقرار وما تبع ذلك من مشكلات مجتمعية، وآخرها ما حدث في منطقة الرحمانية قرب الجزائر العاصمة، حين احتل عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة شققاً في طور الإنجاز، مما استدعى تدخل السلطات التي فشلت في تحرير السكن منهم، لتتدخل قوات الأمن وتندلع أعمال شغب تسببت في وقوع جرحى من عناصر الأمن.

تصريحات تكشف عن المستور

وبالعودة لتصريحات المسؤول السابق بدائرة الهجرة في وزارة الداخلية الجزائرية حسان قاسيمي، فإن مخاوف الجزائر وتونس من استمرار وصول الأفارقة بطرق غير نظامية مشروعة، إذ حذر في تصريحات إلى الإذاعة الجزائرية من مخطط يستهدف تغيير التركيبة الديموغرافية للولايات الحدودية الواقعة في الجنوب الكبير، بما يسهل ضرب وحدة واستقرار البلاد في المستقبل، داعياً الحكومة إلى "ضرورة التحرك بسرعة لإفشال هذه السيناريوهات التي يجري إعدادها في غرف مظلمة من قبل دوائر ودول تكنّ العداء للجزائر".

واقترح قاسيمي تكليف وزارة العدل إعداد مشروع قانون لمكافحة شبكات الاتجار وتهريب المهاجرين وعرضه على غرفتي البرلمان للمصادقة، تماشياً مع الاتفاقات الدولية المتعارف عليها وأبرزها "اتفاقية باليرمو"، كما شدد على أهمية مضاعفة مراكز ونقاط المراقبة على الحدود مع كل من النيجر ومالي قصد الحد من نشاط عصابات الاتجار وتهريب البشر وتكثيف التعاون والتنسيق.

تغيير البنية الديموغرافية

إلى ذلك يرى الباحث في العلوم الاجتماعية بن مصطفى دحو خلال حديث إلى "اندبندنت عربية" أن تخوف الجزائر وتونس من تدفق المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة مشروع ويجب أخذه في الاعتبار واتخاذ إجراءات استباقية، وقال إن من ضمن استراتيجيات الحرب على شمال أفريقيا تغيير بنيتها الديموغرافية وإغراقها بالمهاجرين الأفارقة، وقد جرى العمل على هذا المشروع منذ زمن بعيد، في البداية من خلال تطوير أيديولوجيا أفريقيا للأفارقة واعتبار العنصر العربي دخيلاً على شمال أفريقيا، ثم عبر خطط إغراق المنطقة بالمهاجرين الأفارقة، بالتالي الجزائر وبناء على اتفاقية الدفاع المشترك مع تونس الموقعة عام 1985 تتخذ كل الإجراءات من أجل تعاون أمثل مع تونس.

ويواصل دحو أنه يمكن تفسير الأزمات المستمرة في منطقة الساحل كجزء من مخطط تهجير الأفارقة نحو الشمال وفرض واقع ديموغرافي جديد، موضحاً أن تونس لها أهمية كبرى في السياق الجيوستراتيجي واستقرار الجزائر وشمال أفريقيا، لذلك تقوم العلاقات الجزائرية- التونسية على التنسيق الأمني والدعم الاقتصادي، والجزائر لن تسمح بانهيار تونس.

*المصدر: اندبندنت عربية | independentarabia.com
اخبار الجزائر على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com