اخبار الجزائر

الحرة

سياسة

صفقات طاقة مع أوروبا دون خسارة روسيا.. الجزائر تحافظ على التوازن الصعب

صفقات طاقة مع أوروبا دون خسارة روسيا.. الجزائر تحافظ على التوازن الصعب

klyoum.com

منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، وقّعت الجزائر عقود جديدة مع شركائها الأوروبيين، الباحثين عن تنويع إمداداتهم وتغطية احتياجاتهم، وذلك لتقليص اعتمادهم على الغاز الروسي في خضم العقوبات الغربية على موسكو وصادراتها من الطاقة.

ووفرت هذه المتغيرات الدولية فرصة للجزائر في تعزيز مكانتها الدولية كمصدرة للطاقة، إذ تعتبر شركة سوناطراك الجزائرية، حليفا استراتيجيا لإسبانيا وإيطاليا.

ومؤخرا، أبرمت الشركة الجزائرية للمحروقات "سوناطراك" ومجمع الطاقة الإيطالي "إنيل"، الأربعاء بالجزائر العاصمة، اتفاقيات جديدة، في إطار عقود لشراء وبيع الغاز الطبيعي الموجه للأسواق الإيطالية والإسبانية، تقضي بمراجعة الأسعار.

وحسب بيان صحافي لشركة المحروقات الجزائرية سوناطراك، فإنه، بناء على بنود مراجعة الأسعار التعاقدية، اتفق الطرفان على تعديل سعر البيع تماشيا وظروف السوق، بالإضافة إلى الاتفاق على توريد كميات إضافية لعام 2022 وكذلك على إمكانية توريدات إضافية في السنوات القادمة.

وأكد الطرفان الجزائري والإيطالي، رغبتهما في تعزيز الشراكة التقليدية بين سوناطراك ومجمع إنيل، بما يسمح بتوطيد العلاقة التجارية في مجال الغاز الطبيعي، وضمان استقرار وأمن إمدادات الغاز، وبالتالي المساهمة في تعزيز الأمن الطاقوي للزبائن، حسب المصدر ذاته.

وفيما لم يشر البيان الصحفي الصادر عن الشركة الجزائرية إلى التفاصيل المالية للاتفاق الجديد، قال الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك، توفيق حكار، إن أسعار الغاز ارتفعت بشكل غير مسبوق في السوق الدولية، ومن غير الممكن، بحسبه الاستمرار وفق أسعار العقود السابقة، لذلك باشرت الشركة مفاوضات مع الشركاء لجعل الأسعار تتوافق مع واقع السوق الدولية للغاز.

وأوضح توفيق حكار، الأربعاء في ندوة صحفية أعقبت التوقيع على الاتفاقيات الجديدة، أنه من أصل 11 شريكا، تم التوصل إلى مراجعة اسعار عقود الغاز مع 6 شركات، فيما تستمر المفاوضات مع البقية، حسب ما نقلته جريدة "الشروق" الجزائرية.

أهمية داخلية وخارجية

المحلل السياسي الجزائري، إسماعيل معراف، يعتبر بأن الاتفاقية الجديدة مهمة جدا بالنسبة للجزائر التي تعاني في موازنتها من عجز مالي كبير، وبالتالي ضخ كميات جديدة من الغاز من شأنه أن يرفع من الإيرادات المالية للبلد الشمال إفريقي. 

وتابع في تصريح للحرة بأنّ الأسعار القديمة التي كانت تتعامل بها الجزائر مع شركائها، كانت لا تتماشى وأسعار السوق العالمي، لا سيما بعد الأزمة التي تسببت فيها الحرب الروسية، مشيراً إلى أنّ مراجعة الأسعار "فرصة للجزائر لاستعادة عافيتها المالية ومواجهة التحديات الاقتصادية الداخلية".

 ومن شأن الحصول على حزمات مالية جديدة من الطاقة، أن يخدم أجندة الرئيس عبد المجيد تبون، الذي يرغب في الترشح لولاية ثانية، والذي أنفق بسخاء خلال الأسابيع الأخيرة على مجموعة من المشاريع الاجتماعية، كما أن عودة الجزائر بقوة إلى ساحة الطاقة الدولية سيمكن الجزائر، من استعادة موقعها الإقليمي كشريك أساسي للبلدان الأوروبية، حسب المحلل الجزائري.

"لا توظيف للأزمة"

من جانبه يقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، رشيد علوش، بأن الجزائر "تتعامل مع ملف الطاقة بناء على الاتفاقيات المبرمة مع الشركاء ولا تسعى لتوظيف أزمة امدادات الطاقة الحالية لأنها ظرفية، الأمر الذي يدفع الجزائر لترسيخ صورتها باعتبارها شريكا موثوقا لدى شركائها خاصة فيما يتعلق الوفاء بالتزاماتها المتفق عليها".

غير أنه أشار في المقابل، في حديثه لموقع الحرة إلى أنّ "هذا لا ينفي إمكانية عمل الجزائر على الاستفادة من الطلب المتزايد على الطاقة لمراجعة عقود تسعير الغاز علما أن مجمل العقود التي تم توقيعها بداية من عام 2019 مدرجة في سياق بنود مراجعة تسعير الغاز بعد 3 سنوات مع الرفع من الكميات"، مشيرا إلى أن "هذه الجزئية قد تفقد الجزائر نسبة من الأرباح التي يمكن جنيها في سوق الغاز المسال التي ارتفعت أسعارها بأضعاف".

لذلك يبقى الرهان من طرف عملاق الطاقة الجزائري "سونطراك"، بحسب الباحث الجزائري: "العمل على تحقيق اكتشافات جديدة وزيادة الاستثمار لرفع الطاقة الإنتاجية للوفاء بالتزماتها المتفق عليها مع شركائها، مع زيادة كميات الغاز المسال المسوقة في الأسواق الحرة للاستفادة من مزايا الأسعار التي توفرها هذه الأسواق في سياق أزمة الطاقة والتي تبقى مرشحة للاستمرار في حال ما إذا طالت الأزمة الأوكرانية."

روسيا وإسبانيا

وتثير الاتفاقيات الجزائرية مع البلدان الأوروبية، بخصوص زيادة إمدادات الغاز، تساؤلات بشأن تداعياته المحتملة على العلاقات مع روسيا، الحليف التقليدي للجزائر.

في هذا الجانب يقول الباحث الجزائري، إنّ هذا الأمر غير مطروح، بالنسبة للطرفين موضحاُ بأنّ "الجزائر تتعامل مع شركائها وفق العقود الموقعة بين الطرفين والسفير الروسي في الجزائر كان تطرق لهذه النقطة في تصريح صحفي".

وكان السفير الروسي في الجزائر، فاليريان شوفايف، قد قال في تصريحات صحفية إن روسيا تتفهم رفع الجزائر إمدادات الغاز إلى أوروبا بعد توقف الإمداد الروسي، مؤكد إنها خطوة لا تزعج بلاده. 

وخلال الندوة الصحفية، كشف الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك أن المفاوضات انتهت مع شريكها الاسباني "ناتورجي" لمراجعة أسعار الغاز، وسيتم الإعلان عن ذلك في القريب.

وفي جوابه على سؤال حول إمداد اسبانيا بكميات اضافية من الغاز، ذكر حكار أن قدرات النقل عبر خط الأنابيب "ميدغاز" الذي يربط البلدين لا تسمح بذلك، موضحا إنها تقارب 11 مليار متر مكعب في السنة وهي مستغلة، حسب ما نقلته جريدة الشروق.

ومقابل تطور معاملات الجزائر وإيطاليا في مجال التبادل الطاقي، يظهر أن الخلافات الدبلوماسية بين إسبانيا والجزائر، تلقي بظلالها على شراكة البلدين حيث تراجع اعتماد إسبانيا على الغاز الجزائري منذ غلق الجزائر لخط أنابيب الغاز المغاربي -أوروبا، الذي يمرّ عبر المغرب، في أكتوبر بعد قطعها في أغسطس  علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب.

ولا تنظر الحكومة الجزائرية بعين الرضا إلى التقارب المغربي الإسباني الأخير، بعد قرار رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز في مارس الماضي، دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة، وذلك لإنهاء أزمة دبلوماسية بين مدريد والرباط استمرت لنحو عام.

وأعلنت الرئاسة الجزائرية في يونيو الماضي تعليق "معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون" التي أبرمت عام 2002 مع إسبانيا بعد الموقف الإسباني الجديد.

وبعد تغيير إسبانيا لموقفها من نزاع الصحراء، استدعت الجزائر سفيرها لدى إسبانيا وأعلنت شركة المحروقات الوطنية سوناطراك رفع أسعار الغاز الذي تسلمه الجزائر لإسبانيا.

*المصدر: الحرة | alhurra.com
اخبار الجزائر على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2024 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com