خاص الجزائر تسجل نموا بالوقت المقضي في العمل عن بعد بزمن الوباء

كشف تحقيق أنجزته وحدة "كونسومر لاب" التابعة لشركة "إيريكسون" أن وباء كورونا ساهم في ارتفاع نسبة الوقت المقضي في العمل عن بعد في الجزائر بنسبة 68 في المئة، خاصة أن ظروف الحجر الصحي ساهمت بدورها في الرفع من حجم الخدمات الرقمية في البلاد.

لم يكن أغلب الجزائريين قبل جائحة كورونا يتصورون أنه سيأتي اليوم الذي سيتحولون فيه إلى 'العمل عن بعد' وتتغير معه العادات المهنية للمؤسسات والأشخاص، خاصة أن الظروف التي فرضها الوباء خلال أكثر من سنة، أعطت دفعا للخدمات الرقمية في ظل انتشار الإنترنت وتزايد الاهتمام الحكومي بدعم الرقمنة في كل المجالات الحيوية.

كذلك ساهم تفشي فيروس كورونا والحجر الصحي، في تنامي استخدام الخدمات الصحية ومنصات التعلم عبر الإنترنت وتوصيل المشتريات والوجبات إلى المنازل لفرض التباعد الاجتماعي الذي يوصي به الأخصائيون في كل مناسبة لكسر انتشار الوباء.

ولفت تقرير 'كونسومر لاب' الذي أنجز في الجزائر على عينة من 1011 شخص تراوحت أعمارهم بين 15 و69 سنة خلال الفترة الواقعة بين شهري ديسمبر ويناير الماضيين، إلى أنه تم تسجيل ارتفاع قدره 68 في المئة بالوقت المقضي في العمل عن بعد.

وأكدت الدراسة على 'الاهتمام المتزايد للأشخاص الذين خضعوا لعملية سبر الآراء بتأهيل شبكتهم لمواصلة نشاطاتهم المهنية والشخصية بالتناوب'.

وفيما يتعلق بتوقعات المشاركين في الاستبيان بشأن مواصلة هذا النمط من العمل، فقد أشار 58 في المئة إلى أنهم لا ينتظرون مواصلة العمل عن بعد.

ومن المعلومات التي أشار إليها التقرير الذي شمل 31 بلدا من بينها الجزائر، أن المستهلكين حولوا خلال الوباء عاداتهم وأنماطهم الشرائية نحو المنصات الرقمية، حيث سيستمر هذا التوجه لفترة تتراوح بين عام إلى عامين.

وبالنسبة للذين يعملون أو يدرسون أكثر من 5 أيام في الشهر في المنزل، كشف التحقيق أن 'استخدامهم للتواصل عبر الهاتف أعلى ضعفين من باقي الأشخاص الذين يتصلون بالإنترنت' وأن 'فئات الطلبة والأشخاص الناشطين زادوا وقت اتصالهم على التوالي ما بين ساعة وساعتين وساعة وست ساعات في اليوم'.

وكان تقرير دولي صدر في بداية العام الحالي، قد أشار لتقدم جيد للجزائر بـ29 مرتبة على الصعيد العالمي في مجال التجارة الإلكترونية.

واقع مهني جديد

ويرى خبراء أن الظروف الحالية التي أوجدتها الجائحة بالنسبة للمؤسسات والموظفين عن طريق استغلال تكنولوجيات الاتصال والمنصات الرقمية للعمل عن بعد، خلقت وضعا جديدا لا بد من استغلاله بعد جلاء غيوم الجائحة مستقبلا.

وفي هذا السياق أوضح الخبير المستشار في مجال تقنيات الإعلام والاتصال، يونس قرار في تصريح لموقع 'موقع سكاي نيوز عربية' أن 'الجزائر جزء من العالم ومرتبطة بالتطورات الحاصلة فيه، وبالتالي فإن التوجه الذي سارت فيه الشركات متعددة الجنسيات مع بداية الوباء في فرض العمل عن بعد سارت عليه فروعها إضافة إلى المؤسسات الخاصة والعمومية التي تأقلمت مع هذه الطريقة مع مرور الوقت'.

وأكد قرار أن 'الجزائريين في ظل ما فرضه الوباء عليهم، تأقلموا مع تكنولوجيات الاتصال، واكتشفوا أن هناك حلولا لم يكونوا مقتنعين بها من قبل، وهي عبارة عن تطبيقات تحمل على هواتفهم'.

ودعا الخبير في تقنيات الاتصال إلى القيام بدراسة تقييمية للفوائد التي جنتها المؤسسات من العمل عن بعد، وكذلك المؤسسات الحكومية في التواصل عن بعد خلال هذه الفترة التي حققت بموجبها اقتصادا للمصاريف بعيدا عن الاجتماعات التي كانت تنظمها سابقا، وتصرف عليها ميزانية معتبرة.

تأقلم مع ظروف الجائحة

وفي ظل استمرار وباء كورونا ورغم عودة الكثير من المؤسسات والشركات العمومية والخاصة إلى النشاط مع تحسن الوضعية الصحية من حين لآخر، إلا أن هناك بعض المؤسسات لا يزال يعمل موظفوها بطريقة العمل عن بعد أو أن أغلب أو بعض وقتهم يكون بهذه الطريقة، في حين أن الجدل قائم بين من يستحسنون العمل عن بعد، ومن أصبحوا يرونه بأنه مرهق لهم.

وفي هذا السياق، قالت مريم التي تعمل صحفية في إحدى الجرائد الوطنية التي تواصل العمل عن بعد منذ 2020، لموقع 'سكاي نيوز عربية' أنه 'في بداية انتشار وباء كورونا كان العمل عن بعد أمرا ضروريا خاصة مع الغلق الشامل في الأشهر الأولى. في البداية ساعدتنا ظروف مهنتنا في مجال الإعلام، بحيث أنه بإمكاننا العمل من البيت باستخدام كمبيوتر وإنترنت، والهاتف للاتصال بالشخصيات التي نحاورها لنقوم بتحرير المواضيع والتقارير ثم إرسالها إلى الجريدة'.

وتضيف مريم: 'مع الوقت وبعد الفتح التدريجي الذي عرفته البلاد عقب تحسن الوضعية الصحية خلال الأشهر الماضية، فإن عودة التغطيات الإعلامية فرضت عليّ الخروج إلى الميدان ثم العودة إلى البيت لتحرير الموضوع. أصبح العمل يتطلب وقتا وجهدا أكبر. التعايش مع الجائحة أصبح يفرض علينا العودة للعمل في المكتب مع الالتزام بالتدابير الوقائية المعروفة'.