اخبار الجزائر
موقع كل يوم -الحرة
نشر بتاريخ: ١ تموز ٢٠٢٢
في غمرة التحضير لاحتفالات ستينية استقلال الجزائر، خرج نائب فرنسي، بتصريح وصفه جزائريون على مواقع التواصل الاجتماعي بـ'المستفز'.
وخلال افتتاح أعمال البرلمان الفرنسي الجديد، قال خوسيه غونزاليس (79 عاما) وهو عميد النواب الفرنسيين، وعضو بارز في حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف إن رياح يوليو 1962 (تاريخ استقلال الجزائر عن فرنسا) ألقت به بعيدا عن بلده الأم، وأنه 'سيبقى حاملا لهذا الجرح إلى الأبد'.
وتحتفل الجزائر الثلاثاء، 5 يوليو المقبل بمرور 60 عاما على استقلالها عن فرنسا بعد حرب دامت أكثر من سبعة أعوام ونصف.
لوبان قالت في حديث لقناة 'فرانس إنفو' الأربعاء، إن غونزاليس 'ألقى خطابا جيدا جدا'.
في المقابل، انتقد الكثير من النواب الفرنسيين من الذين لم يصفقوا لغونزاليس عند انتهائه من خطابه، ما جاء على لسانه.
وكتب النائب عن حزب 'الاتحاد الإيكولوجي والاجتماعي للشعب الجديد' (La Nupes) باستيان لاشو، على تويتر، منتقدا ما جاء على لسان غونزاليس، وموقف لوبان منه 'في الواقع، هذا ليس انزلاقًا فقط، بل هو التاريخ الكامل للحركة الوطنية منذ تأسيس الجبهة الوطنية من قبل الأعضاء السابقين في المنظمة الخاصة (OAS)' ثم تابع 'تقديم هذا المجلس الجديد بخطاب حنين للجزائر الفرنسية، وسط التصفيق: عار!'.
والمنظمة الخاصة، التي تحدث عنها النائب لاشو، هي ميليشيا مسلحة، مكونة من أعضاء سابقين في الجيش الفرنسي، ارتكبوا جرائم فظيعة في الجزائر قبيل استقلالها، رفضا لما اتفق عليه الجانب الفرنسي وقتها وجبهة التحرير الوطني الجزائرية، والذي يقضي بتنظيم استفتاء حول تقرير المصير، والذي أفضى فيما بعد إلى استقلال الجزائر رسميا عن فرنسا بعد أكثر من قرن و32 سنة من الاستعمار.
ووقّعت الحكومة الفرنسية والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في 18 مارس 1962، على اتفاقيات إيفيان (منطقة في وسط شرق فرنسا) التي نصّت على وقف إطلاق النار في منتصف نهار اليوم التالي بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب.
ونصّت الاتفاقيات أيضا على تنظيم استفتاء لتقرير المصير جرى في 1 يوليو 1962 وصوّت فيه الجزائريون بأغلبية ساحقة على الاستقلال وإنهاء 132 عامًا من الاستعمار الفرنسي.
ومنذ تولي الرئيس إيمانويل ماكرون الرئاسة الفرنسية، اتخذ سلسلة مبادرات على صلة بالذاكرة، ومنها تكليف المؤرخ بنجامان ستورا بإعداد تقرير عن 'تنقية الذاكرة المتعلقة بالاستعمار والحرب في الجزائر' سلّمه الى الرئيس الفرنسي في يناير 2021.
ويعمل البلدان منذ أشهر على ترميم العلاقات الثنائية بعد أزمة جديدة أثارتها تصريحات للرئيس الفرنسي اتهم فيها النظام 'السياسي-العسكري' الجزائري بتكريس 'ريع للذاكرة' حول حرب الاستقلال .(1954-1962)
المنظمة الخاصة (OAS)
يُتهم أعضاء من حزب مارين لوبان، والذين أسسوا الحزب رفقة أبيها، ماري لوبان، بالانتماء إلى المنظمة العسكرية الخاصة التي سفكت دماء الكثير من الجزائريين، وحتى الفرنسيين الذين اقتنعوا بفكرة استقلال الجزائر.
لكن خوسيه غونزاليس، وعند خروجه بعد إلقائه خطابه، رفض الحديث عن المنظمة الخاصة، إثر سؤاله من طرف بعض الصحفيين وقال عوض ذلك 'لسنا بصدد الحديث عن المنظمة الخاصة، اذهبوا إلى الجزائر .. وسترون أن الكثير يتمنى لو كانت فرنسا لا تزال هناك' وفق ما نقلته عنه صحيفة ليبيراسيون.
وينتمي غونزاليس لمن يُعرفون بـ 'الأقدام السوداء'، وهم الأوروبيون المولودون في الجزائر عندما كانت مستعمرة فرنسية.
وأبرز هؤلاء، المغني الفرنسي المعروف ،أنريكو ماسياس، الذي تغنى هو الآخر بالجزائر الفرنسية والممثل المعروف روجي حنين، الذي أوصى بدفنه بالجزائر وهو ما حدث فعلا عندما وافته المنية في 2015.
كوميديا
المختص في الحركة الوطنية الجزائرية، محمد ياحي، استغرب لبكاء غونزاليس، عندما ألقى خطابه، ووصف ذلك بـ'الكوميديا' وقال لموقع الحرة 'أعتقد أنه أراد إثارة مشاعر النواب لكن حدث العكس'.
ياحي لفت إلى أن الكثير من 'الأقدام السوداء'، جاؤوا إلى الجزائر وزاروا الأحياء التي كانوا يعيشون بها 'ولم يكن هناك أي إشكال' وفق تعبيره، مبرزا ضرورة إسكات الأصوات التي تريد زرع الفتنة والتشكيك في استقلال الجزائر رغم مرور كل هذه السنين.
وقال: 'هذا الرجل شارف على الثمانين من عمره، لعله يهذي بالجزائر الفرنسية، الكل يعلم أن تصريحه جاء ليعكر صفو الاحتفالات بمرور ستين سنة عن الاستقلال وفقط'.
وانتقد الرجل في السياق، سكوت الإعلام الجزائري عن الرد عليه، لكنه عاد ليقول إن ذلك ربما 'إشارة إلى أن تصريحه الذي يضاف إلى العديد من صنفه، يمر مرور الكرام أمام حدث بارز مثل احتفالات الاستقلال'.
ترسيم نهاية فرنسا
وقال: 'قرارات مثل هذه تمس عديد المجالات ربما تعد ترسما لنهاية فرنسا في الجزائر، بعد نهايتها في عقول الكثير ممن كانوا يرون فيها دولة قد تخدم مصالحنا'.
من جانبه، وصف المحلل السياسي، توفيق بوقعدة، تصريح غونزاليس بـ'المستفز' وأنه 'نفخ على جمر الخلافات'.
وقال في حديث لموقع الحرة، إن 'غونزاليس ومن وراءه يبحثون على تأجيج الخلاف بين الجزائر وأوروبا على إثر الأزمة التي تمر بها العلاقات الجزائرية الإسبانية لإظهارها على أنها الجزائر العدوة بالأمس واليوم'.
بوقعدة لفت كذلك إلى أن غونزاليس تعمد الحديث عن منطقة مولده، وهران (غرب الجزائر) وهي التي تحتضن هذه الأيام الألعاب المتوسطية التي راهن الجزائريون على نجاحها، والتي كان حفل افتتاحها مفخرة للكثير منهم.
وبرر عدم اهتمام أغلب وسائل الإعلام المحلية بالموضوع بـ'كثرة تكرار مثل هذه التصريحات، التي تخرج في كل مناسبة سعيدة تعيشها الجزائر' التي تجعل من طرحها على الجزائريين مجرد 'تعكير صفو وفقط'.
يذكر أن عددا محدودا من القنوات الجزائرية، عرض أو انتقد ما جاء على لسان غونزاليس.
كما لفت بوقعدة إلى أن أغلب التصريحات التي تطعن في الجزائر تأتي من اليمين المتطرف، وبعض من 'الأقدام السوداء' وقال: 'يحاولون دائما تشويه الواقع الجزائري بربطه بالاحتلال الفرنسي'.
ورفض بوقعدة القول بأن هناك من الجزائريين من يحن إلى الاستعمار بالقول إن هذا محض كذب، يراد من خلاله الالتفاف حول ما اقترفته فرنسا الاستعمارية خلال وجودها بالجزائر.
كما رفض أن يكون حديث غونزاليس جاء من منطلق حبه للجزائر وحنينه لها وقال: 'هذه مطية فقط لتمرير رسالته'.